في ظل التوجهات الرقمية السريعة والمتنامية في المملكة، تبرز الحاجة إلى تبني منهجيات مؤسسية متطورة تضمن تحولًا رقميًا منظمًا ومستدامًا. وتأتي المنهجية الوطنية للبنية المؤسسية (NORA) كإطار عمل وطني شامل يعزز من قدرة الجهات الحكومية على تحقيق التحول الرقمي بكفاءة، مع ضمان التكامل والتنسيق بين مختلف الأقسام والأنظمة. يُقدم هذا المقال لمحة متعمقة حول هذه المنهجية، أهدافها وأسسها، مع توضيح المراحل الأساسية التي تدعم تطبيقها لتحقيق أفضل النتائج.

أهداف المنهجية الوطنية للبنية المؤسسية

تهدف منهجية NORA إلى إرساء أسس عمل موحدة تساعد الجهات الحكومية في تحقيق الأهداف الاستراتيجية المتعلقة بالتحول الرقمي، والتي تشمل تحسين الكفاءة التشغيلية وجودة الخدمات العامة. تقوم NORA بدور محوري في تمكين الجهات من تحقيق تكامل مؤسسي فعال، وذلك عبر عدة مستويات من التنسيق بين العمليات والأنظمة، مما يعزز تماسك بيئة العمل الرقمي ويجعلها أكثر استجابة للاحتياجات الحالية والمستقبلية.

كما تهدف NORA إلى تحقيق حوكمة مؤسسية عالية، تضمن تطبيق المبادئ الإدارية بشكل فعال ومنظم، حيث يتم من خلال هذه الحوكمة متابعة تنفيذ الخطط، وتقييم الأداء لضمان توافق الأهداف الاستراتيجية. وبهذا، تسهم NORA في توجيه المؤسسات نحو تحقيق تحول رقمي مُستدام يعكس رؤية المملكة في تطوير الخدمات الحكومية وتحسين الكفاءة التشغيلية.

إطار العمل الوطني لمنهجية NORA

يعتمد إطار عمل NORA على تنظيم وتوحيد عدة نماذج مرجعية تدعم الجهات في تصميم وتحليل بيئاتها المؤسسية وفقًا لمتطلبات دقيقة. يشمل هذا الإطار نماذج مرجعية للأداء والأعمال والبيانات، والتي تمثل الركائز الأساسية للتكامل المؤسسي. حيث يُمكّن نموذج الأعمال الجهات الحكومية من تحديد العمليات والخدمات الأساسية وضبطها، مما يسهم في تقديم خدمات عالية الجودة.

أما نموذج البيانات والتقنيات، فيدعم الجهود لتوحيد قواعد البيانات والتطبيقات التقنية، مما يُمكّن الجهات من الوصول إلى بيانات دقيقة وموحدة، ويتيح لها اتخاذ قرارات أفضل بناءً على بيانات موثوقة.

المراحل الأساسية لتطبيق مشروع البنية المؤسسية NORA

تتضمن منهجية NORA مجموعة من المراحل المتسلسلة التي تمهد لتطبيق التحول الرقمي بكفاءة واستدامة، بدايةً من مرحلة تطوير الاستراتيجية. تُركز هذه المرحلة على دراسة وتحليل الوضع الحالي للجهة، وتحديد أهداف واضحة ومحددة للانتقال الرقمي. تعتمد هذه المرحلة على جمع البيانات وتحليلها، وفهم احتياجات المؤسسة قبل الشروع في تنفيذ خطط التحول الرقمي.

تأتي بعد ذلك مرحلة إعداد خطة تفصيلية لمشروع البنية المؤسسية، حيث يتم تصميم خطة شاملة توضح الخطوات والموارد اللازمة والتوقيتات المتوقعة لتنفيذ عملية التحول الرقمي. تتضمن هذه الخطة تقسيمات دقيقة لضمان توافق العمليات مع الأهداف الإستراتيجية وتحقيق نتائج ملموسة وفق الجداول الزمنية المحددة.

ومن ثم تأتي مرحلة الحوكمة المستمرة، التي تركز على مراقبة تنفيذ الخطط وتقييم الأداء، من خلال تشكيل لجان حوكمة تُعنى بمراجعة الأنشطة بشكل دوري. وتعد الحوكمة المستمرة جزءًا حيويًا لضمان تحقيق أهداف المشروع وتوجيهه نحو المسار الصحيح.

أهمية الحوكمة المستمرة في منهجية NORA

يُعد دور الحوكمة المستمرة من أهم الركائز التي تعتمد عليها NORA لضمان تنفيذ المنهجية بكفاءة عالية. تساهم الحوكمة في تقديم الرؤية اللازمة لتنظيم العمل، وتحديد الأدوار والمسؤوليات لضمان جودة التنفيذ. كما أن الحوكمة المستمرة توفر بيئة مراقبة وتقييم تضمن تكيّف المشروع مع أي مستجدات أو تحديات قد تظهر أثناء التنفيذ، ما يتيح اتخاذ القرارات الفورية وتجنب أي تعثرات غير متوقعة.

النماذج المرجعية الأساسية في NORA

تتضمن منهجية NORA عددًا من النماذج المرجعية التي تمثل الأطر المؤسسية للتكامل والتنظيم، حيث يُعتبر نموذج الأعمال أداة رئيسية لتحديد العمليات والخدمات التي تدعم الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة. ويساعد نموذج البيانات في توحيد وتنسيق البيانات بين الأنظمة، بينما يوفر نموذج التقنيات أساسًا لتطوير بيئة تقنية متكاملة وفعالة. تعزز هذه النماذج المرجعية من قدرة الجهات على تقديم خدمات عالية الكفاءة ومواكبة التطورات التقنية.

ختامًا

تشكل المنهجية الوطنية للبنية المؤسسية NORA نقطة تحول استراتيجية للجهات الحكومية في المملكة نحو التحول الرقمي المتكامل. ومع التزام الجهات بتطبيق هذه المنهجية، تصبح المؤسسات الحكومية قادرة على تقديم خدمات متقدمة، والاستجابة بمرونة للتغيرات التقنية، وتطوير بنية مؤسسية مستدامة تلبي احتياجات العصر الرقمي. تدعو NORA الجهات إلى تبني أسس عمل موحدة تعزز الكفاءة والشفافية، وتساهم في تحقيق رؤية المملكة للتحول الرقمي الشامل والمستدام.